هاجس الشيب / الأستاذ : سيد محمد ولد الشيخ

عادة ما يقوم الطلاب في السنة الأخيرة من دراستهم الجامعية بإعداد بحوث تتوج جهودهم العلمية خلال سني دراستهم الجامعية وذلك من أجل اختبار القدرة في مجال التأليف والاستعداد للقيام ببحوث قد تواجههم في مراحل دراستهم اللاحقة، ثم من أجل المساهمة في اغناء المكتبة العربية وغير العربية بعض الموضوعات التي قد تكون في حاجة لها.

ولعل المتصفح لهذه البحوث التي يقوم بها هؤلاء الطلاب يلاحظ أنهم درجوا على تصديرها بمقدمات يبينون من خلالها أسباب إختيار موضوعاتهم ثم المشاغل التى أعترضت سبيلهم خلال إنجازها وهو الأمر الذي يصعب ولا شك تحديده ذلك أنه من الصعب أن يحدد المرء الدوافع التي تحدوا به إلى اختيار أي موضوع، فقد يكون الاختيار وليد صدفة محضة وقد يكون نتيجة لإحساس ذاتي يربط الباحث بالموضوع الذى يختار غير أنه لا الصدفة ولا الإحساس الذاتي يجعل الباحث في حل من القيام بمثل هذا العمل، بل لابد من وجود سبب محدد ترجى من ورائه غاية تسوغ قيامه به.

ولما كان وراء كل اختيار سبب فما هو سبب اختيارنا لنظرة الشعراء إلى الشيب موضوعا لبحثنا هذا ؟.

هل كان صدفة محضة أم نتيجة لإحساس ذاتي وهل هناك سبب نرجوا من ورائه غاية تسوغ القيام به ؟

لم يكن اختيار هذا الموضوع صدقة كما أن الاحساس الذاتي ـ وإن كانت له اليد الطولى في اختيار هذا الموضوع ـ لم يكن هو الآخر سببا في اختياره بل إنهناك سببا آخر وهو الاحساس بضرورة إحياء ظاهرة أدبية ظلت مطمورة بين ثنايا القصيدة العربية رغم حساسية الموضوع الذي تدور حوله إضافة إلى كونها ذات قيمة كبيرة في الحقل الأدبي، كما أنها قد تجد مكانا رحبا لها في مجال علم النفس ذلك أنها تترجم تناقضا واضحا في الإحساس الإنساني إضافة إلى أنها تميط اللثام عن أبعاد فكرية وفلسفية يمكن أن تقرأ من خلال النماذج الشعرية التي حفظها لنا التراث العربي على مر العصور الأدبية المختلفة في هذا الموضوع.

ورغم ما لهذا الجانب من أهمية فإنه لم يجد بعد عناية من لدن الدارسين والباحثين؛ لذلك رأينا أنه ينبغي أن يجد طريقه إلى البروز في رفوف المكتبات كدراسة مستقلة عسى أن يسد ثغرة في المكتبة العربية كما نرجو أن يفتح هذا العمل ولو سم خياط أمام الباحثين في هذا الموضوع :

هذه هي الأسباب التي حدت بنا إلى اختيار هذا الموضوع؛ أما المشاغل التي اعترضت سبيل البحث فلعل من نافلة القول الحديث عنها فما من موضوع إلا وستعترضه صعوبات قليلة أو كثيرة لذلك فإني سأضرب صفحا عن الخوض فيها راجيا أن لا يكون العزوف عن ذكرها بدعة وإن كان بدعة فأرجو أن تكون بدعة لا تثريب فيها.

الأستاذ : سيد محمد ولد الشيخ 

للتحميل هاجس الشيب