الجمعة، يناير 20

العمل الثقافي في قرية توروكيلين....المعوقات والآفاق

العمل الثقافي في قرية توروكيلين....المعوقات والآفاق

ان لكل مجموعة إنسانية مقيمة في تجمع حضري خصوصيتها الثقافية متمثلة في نمط عاداتها وتقاليدها تشترك مع غيرها في بعضها أحيانا وتختص ببعضها أحيانا اخري..ولقد تميزت قرية توركيلين منذ إنشاءها بإشعاعها الثقافي والعلمي والفكري علي مستوي مقاطعـــــــــة المجريــة بل علي مستوي ولاية تكانت كلها فكان لشيوخها السمعة الطيبـــــــة والمحترمة بين ســــاكنة الولاية فكونو علاقات قوية مبنية علي الإحترام المتبادل وحسن الجوار
وهو ما جعلهم موضع إحترام وتقدير شهدت لهم به ساكنة الولاية ......
وكغيرها من مدن وحواضر موريتانيا توجد في قرية توركيلين الي جانب المحاظر التي تعني بالتعليم الأصلي مدرسة توركيلين للتعليم الأساسي التي تاسست في السبعينات وتخرج منها معظم أطر ومثقفي القرية الذين يحملون علي عواتقهم العبأ الأكبر من العمل الثقافي والتطوعي والمحافظة علي ما حققه أجدادنا ..فالحمل الثقيل ملقي علي عواتق الشباب أولا وأخيرا بوصفه الطاقة الحييوية والقلب النابض في كل مجتمع ما يجعل من الضروري تكاتف الجهود والتحلي بالمسؤولية الفردية والجماعية إتجاه الهم المشترك بين شباب القرية سبيلا الي الرفع من جميع المسويات وعلي رأسها العمل الثقافي والتعريف بما ضينا المشرق والرقي بحاضرنا الي المستوي اللائق وبناء مستقبل مشرف..فقد قيل:( أن من ليس له ماض ليس له حاضر ومن ليس له حاضر يستحيل ان يكون له مستقبل).
فكيف نتمكن من إبراز ماضينا المشرق والرقي بحاضرنا وبناء أسس قوية للتطلع لبناء مستقبل واعد؟؟؟
من بين ما يحقق هذه الأهداف لاشك ياتي العمل الثقافي من بين ما يجب أن نقوم به:
تعريف العمل الثقافي :(هو عمل تطوعي وبالتالي فهو الجهد الذي يقوم به شخص أومجموعة من الأشخاص بملئ إرادتهم من أجل الرفع من الواقع الثقافي وتحقيق اهداف انسانية _اجتماعية _رياضية .دون انتظاراي مقابل مادي او معنوي مقابل هذه الجهود).
إن القيم الاجتماعية وخاصة الدينية المتجذرة والمتعمقة في المجتمع ساعدت في تعميق روح العمل التطوعي فيه. وحيث أن مفهوم التطوع فى الدول العربية – بصفة خاصة – يفصل ما بين مفهومى الصدقة من جانب و مساعدة الآخرين من جانب آخر، فإن الدين الإسلامى لايدعو لذلك الفصل، وهو المؤثر الأساس فىمجتمعاتنا ولله الحمد.
وفيما يلي بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التى توضح الحث على العمل التطوعي والذي هو بمثابة صدقة في الإسلام.
من القرآن الكريم: فال تعالي
" ومن تطوع خيراً فهو خير له"
• " وتعاونوا على البر والتقوى "
• " وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"
وآيات غيرها كثيرة كلها تحث علي العمل التطوعي
من الأحاديث الشريفة :
• " إن لله عباداً اختصهم لقضاء حوائج الناس، حببهم للخير وحبب الخير إليهم، أولئك الناجون من عذاب يوم القيامة"
"لأن تغدو مع أخيك فتقضي له حاجته خير من أن تصلي في مسجدي هذا مائة ركعة"
• " من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له"
• " خير الناس أنفعهم للناس" والحديث يشير إلى نفع الناس أجمعين وليس نفع المسلمين فقط.
ويقول الفيلسوف سيتيكا (من يفعل الخير لغيره فهو بذالك يفعله لنفسه)ويقول الشاعر :إذاأنت لا ترجى لدفع ملمة       ولم يك للمعروف عندك موضع
ولا أنت ذوجاه يعاش لجاهه        ولا أنت يوم الحشر للناس تشفع      فعيشك في الدنيا وموتك واحد      وعود خلال من حياتك أنفع.
التطور التاريخي للعمل الثقافي في قرية توركيلين:
كانت اول تجربة في هذا الصدد قام بها معلمون متطوعون تمثلت في تقديم دروس لمحو الأمية لأخواتهم الائي لم يساعدهن الحظ في ولوج التعليم المدرسي لاسباب متعددة فكان لهذه التجربة الأثر البالغ في نفوسهن وهو مامكنهن في ما بعد من تسيير أنشطة نسوية مدرة للدخل متمثلة في التعاونية النسوية لقرية توركيلين ..استمرت المحاولات بعد ذالك متميزة بالخجل احيانا وبالجدية أحيانا أخري الا أن خريف 2007 استطاعت فيه مجموعة من شباب القرية  إنشاء أول إطار ثقافي موحد اطلقت عليه *نادي العطاء الثقافي والرياضي بقرية توركيلين مستفيدين من إحتكاكهم بالأندية الثقافية الناشطة علي مستوي الحقل الجامعي وقد شكل هذا الإطار الثقافي الوليد اللبنة الأساسية في بناء صرح ثقافي متين يتوج المحاولات السابقة ويجسد الأهداف المنشودة علي أرض الواقع .لتفتح صفحة جديدة من العمل الشبابي تميزت السنوات الأولي منها بالعطاء المتميزالا أن السنوات الاخيرة تراجع فيها المردود لكن يبقي هناك بصيص أمل في عودة <العطاء> الي مستوي أكبر من العطاء ويتوقف ذالك طبعا الي تكاتف الجهود ووعي الجميع بنبل وأهمية العمل الثقافي لما يحققه من أهداف نحيلك لمعرفتها الي ديباجة نادي العطاء التي خطت علي صفحاتها ويبقي فقط تجسيدها علي ارض الوقع يقف علي تخطي المعوقات والحواجز التي تقف حجر عثر أمامنا.
وفي مايلي_ وحسب نظري_ المعوقات التي تواجه القائمين علي العمل الثقافي في توركيلين:
1_البنــــــــــية الإجتمـــــــــاعية المتمسكة بكل ماهو تقليدي .
2_غياب الأندية الثقافية الفاعلة في المحيط الجغرافي للقرية
3_عدم الإنفتاح التام علي المجتمعات الأخري من خلال تنظيم رحلات استكشافية للشباب  ما قلل من إطلاعنا علي خبرات الآخرين في هذا المجال.
4_انشغال الشباب بالدراسة أثناء السنة الدراسية وبالعمل أثناء العطل.
5_ اضافة الي ماسبق يأتي المعوق المادي ليرمي بثقله الكبير مع المعوقات السابقة ليفاقم من المشكلة .فنقص التمويل وندرة المصادر المادية جعلت من الصعب بل من المستحيل تحقيق كل الاهداف المرسومة فمن المعروف أن أي نشاط مهما كان نوعه يتوقف علي توفر التمويل....ولعل عدم قدرة الشباب تشريع النادي حت الآن يقف امام حصولهم أوعلي الأقل طلب التمويل...
6_المعوقات السياسية :
كان لتنوع الوجهات والإنتماءات السياسية بين الشباب أثراكبيرا علي اللحمة بين القائمين علي العمل الثقافي علي مستوي القرية وذالك ماتجسد في المحاولات المتكررة لتسييس العمل الثقافي ...ومحاولة استفادة الأطراف السياسة من ما يقدم ثقافيا.

وعموما فنحن في النهاية بشر ولسنا استثناء والعمل البشري ليس دائما يتميز بصفة الكمال فهو دائما ناقص لأن الكمال لله وحده.فقد ننجح ونوفق أحيانا ونخفق أحيانا أخري ولكن يجب أن نستفيد من أخطاء الماضي ونحاول تجنبها في المسقبل ونواصل بهمة عالية فبالهمة فقط تكون آفاق العمل الثقافي واعدة في قرية توركيلين ..فقد قال أحد الصالحين في الهمة (همتك فأحفظها فإن الهمة مقدمة الأشياء فمن صلحت له همته وصدق فيها صلح له ماوراء ذالك من الأعمال).
ونقل ابن قتيبة عن بعض كتب الحكمة :ذوالهمة إن حط فنفسه تابي الا علواا كالشعلة يصوبها صاحبها وتأبي إلا إرتفاعا...
وبالتالي فإن تحلي الشباب بالهمة ونبذ الكسل والخمول لستطاعوان يحققو لأنفسهم ولمجتمعهم مالم يححقه من هرمو من أجل لحظــــــــــــــة تاريخية تتجسد فيها اهداف العمل الثقافي المنشودة علي أرض الواقع وهي بنظري ليست بالمسالة المستحيلة ولا بالصعبة خاصة في مجتمعنا لأنه يتميز بوجود كوادر بشرية تعليمية من معلمين وأساتذة وطلاب وغيرهم وتبقي فقط وفقط العزيمة والإرادة .
بقيم : احمد ولد لخليف

0 التعليقات:

إرسال تعليق