الثلاثاء، يوليو 10

قراءة في أدب الغربة / محمدو ولد الخليفه

قراءة في أدب الغربة:

لا مكانَ في الحياةِ، بالنِّسبةِ للإنسان، أجمل وأبهى من المكان الذي ولد فيه وترعرع، وتفيء ظلالَه وارتوى من فراتِ مائِهِ، فالمكانُ هو تذكُّرٌ لمَراتِع الصِّبا، وضَحكاتِ الطُّفولةِ البريَئةِ، وهو جزء من كِيانِ الإنسانِ، فمهما ابتعد عنه، وشطت به الدارُ، فلا بد أن تبقى أطلالُ بلادهِ في ثنايا مُخَيّلتِه، وهذا جُزْءٌ يَسِيْرٌ مِنَ الوفاءِ لهذه الأرضِ التي حملتكَ على ظهْرها وأنتَ تحـبوا، ثم وأنتَ تخــطوا، ثم تمشي، ثم بعد انتهاء الأجل تدفن فيها فما أرأفها..... وكثير من الناس من ارتشف شراب الهجر والغربة، في كؤوس من الحنين والأشواق.... وكم من مغترب قال بلوعة بيتَ الطائي: كم منزل في الأرضِ يألفه الفتي===وحنينـــه أبدا لأول منزلٍ وكم من مغترب يتغنى صباحَ مساء بلاديْ وإنْ جارَتْ عليَّ عزيزةٌ=== وأهلِي وإنْ ضنُّوا عليَّ كِرامُ ولأنَ موريتانيا بلاد شنقيط بلاد المليونِ شَاعر فقد كَان لشُعرَائها قديمهم وحديثهم قصصُ وذكرياتٌ جميلةٌ مع الغربةِ ومشَاعرها المرهفة وأحاسيس المغتربِ وخلجات نفسه وحنينُها إلي أرض الوطنِ الحبيب نظمُوها في أشعَارهم الخالدةِ... فالشُعراء القدمَاءُ كثيرًا ما يتغربونَ عن الوطن لعدة أسباب كالتجارةِ أو الحجِ مثلاً أو أسباب أخري إلا أن البعد عن الوطن مهما كان السبب يترك في النفس من الحزن والشوق إلى الرجوع إليه الشيء الكثير .. يقول الشيخ سيدي محمد ولد الشيخ سيديّ في رائيته الشهيرة:َ رُوَيْــــــــــدَكَ إِننِـي شـبَّـــــهْتُ دَارَا=== عـلَى أمْثـالهَا تَـقِــفُ الْمَهارَى تَأَمَّـلْ صَــــــــــاحِ هَـاتـيــكَ الرَّوَابي=== فَـذاك الـتَّـلُّ أَحْـسِبُهُ أَنَـــــــارَا وَتَـانِ الـرَّمْـلَـــتَانِ هُــمَا دَوَاتَـــــــــا=== عـُلَـيَّـانٍ وَذا خَـطُّ الـشـُّــقَـارَى إلى أن يقول: وَلَكِـنَّــا رِجـَــــالَ الـْحـُـــــــــــبِّ قَوْمٌ=== تُهيجُ رُبَى الدِّيَـــــارِ لَنَا ادِّكَارا سَقَـــانَا الْحـــُبَّ سَاقِـي الْحُبِّ صِرْفًا=== فَـنَحْنُ كَمَـا تَرَى قَـوْمٌ سُكَارى أما الشعراء المعاصرون فقد تألموا بالغربة واشتاقوا للوطن الحبيب فهذه مثلا الشاعرة والأديبة الدكتورة باته بنت البراء تحن من نَجدها إلى الوطن بلغة رقيقة وجميلة فتقول: كل شبر به سجدتُ زمانــــــًا === وتلظـــــيت فى صلاة الخلــــــوِد كلما اغبرَّ قاتــــــم واستبدت === عاصفـــات الغبـــــار زاد نشيدِي إلى أن تقول: لاَ أبَالي الأيـــام، كم شنقتني === فوقَ أرضِ كم أمعنت في صُدودِي يَا رِمَالي ويا بقايـــا نجيـعي === أوتنسين مُوثَقــَــاتِ العهـــــــــودِ أوتنسين طفـــلةً تركوهـَـــــا === حينمَا داهموا عَرين الأســــــــــودِ سَلبُوا من بياضِ عيني سوادًا === عَطــــلُوني فلا عُقُـــــودَ بجيدي كان الله في عون كل المغتربين وأعادنا الله وإياهم سالمين غانمين إلى أرض الوطن الحبين...... تحيـــــــــــــاتي...... محمدو ولد الخليفه

0 التعليقات:

إرسال تعليق