جبل توروكلين ....علم شامخ يأبي النسيان/ أحمد بن المبارك بن يمين

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين

وبعد : فهذه خواطر على ضعفها من الله بها بعد قرائتى للعمل

الذى أنجزه الاستاذ محمد الامين بن اباه الناجى حول حياة وعطاء

المغفور له الفقيه والأديب محمد محفوظ بن جار الله وهي

لاتدعى الاحاطة ولكن عزاء صاحبها أنها جاءت صدقا,

لقد أحسست وأنا أطالع عمل ابن اباه الناجى اننى امام عبقرية فذة

ونادرة ولذلك قررت أن أكتب مقالا وعندما بدأت الكتابة وجدتنى

لاشعوريا وكأننى فى جلسة مع الراحل يلقى وأنا استمع وأحاول ان

أفهم وإذا بى أمام أربع  خواطر فقررت طباعتها وتسميتها بمحمد

محفوظ بن جار الله  جبل توروكلين علم شامخ يأبي  النسيان 

فجزى الله خيرا الأستاذ الفاضل محمد يحي بن محمدو خير الجزاء

 فهو من زودنى بالنسخة التى اطلعت عليها.

الخاطرة الأولي اتكاء المغفور له علي التراث كأساس للكتابة

الإبداعية عموما والشعرية خصوصا في التزام تام نظرا للخلفية

المحظرية ويتجلي ذلك من خلال التأثر بمصدري التشريع الكتاب

 والسنة فبين ثنايا نصوصه ترد بعض الإحالات إلي الآيات القرآنية

والأحاديث النبوية من ذلك :

يقول بمناسبة زيارة المغفور له جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز

 رحمه الله :

ومقيم حدودها طبق مافي                   محكمات الكتاب من تحديد

إشارة إلي قوله تعالي :( من هن آيات محكمات هن أم الكتاب ).

وهناك  وفي القصيدة ذاتها إحالات إلي سور عدةمنها الواقعة .

كما نجد الإشارة إلي الحديث  في النص الذي يحمل عنوان كانتبك

المجرية دار جنة يقول :

وليلك فيها مثل ليل تهامة                   وكل من الأيام عندك عيد

توظيف للحديث المعروف بحديث أم زرع .

وفي لوحة فنية رائعة وردت في بعض النصوص أبيات لصناجة

العرب البحتري والنابغة وأسماء لشعراء اقتضي الحال ذكرهم .

الخاطرة الثانية : فهي عدم انغلاق الشاعر وذلك من خلال تناوله

ما يهم المجتمع من تاريخ وسياسة وحياة اجتماعية مما يدحض

المقولة التي مؤداها أن أهل الفقه لا  علاقة لهم بشؤون الحياة

عدي معرفة الأحكام .

والثالثة  اللمسة التجديدية في اللغة مع قرب الأخذ وسلامة

الأسلوب وجودة التراكيب .

أما الرابعة فهي هذه القومية الطافحة والإعتزاز بالإنتماء للوطن

الكبير وهذه الرؤية الثابة للحياة وبمنهجية لا تستثير النعرات

 وإنما برؤية أساسها أن كل مفيد غاية وهدف أيا كان مصدره .

ولإن كانت هذه بإجمال هي الخواطر فإن هناك ما هو جدير بالذكر

والحديث عنه وهو :

1 - أن ما ذكره بن اباه الناجي  من حياد محمد محفوظ من بعض

 القضايا ثم تغير ذلك لاحقا إذ لا أري فيما عبر عنه بن جار الله

رفضا للإنتماء لأي جهة سياسية وإنما هو انتماء إلي ما يمكن أن

نسميه الحركة العقلانية

ملاك الهدي أن يحمل المرء نفسه        وان الظهور الصرف نفس

الهلاك وهذا ما لم يتسن لغيره ممن عاصره فمزاوجته بين  

الترحيب والعتاب حكمة فالإعجاب بالغالب لايمنع تبيان عدم

الرضي عن القليل .

انظر إليه وهو يحارب موقف البعض من مدرس اللغة العربية

وكذلك حين يمدح بعض الزعماء لفعل ممتاز أوموقف مشرف

وعند حديثه عن حركات التحرر التي تفجرت .

إنه أراد القول لمتلقيه  : إذا كنت في نصوصي الشعرية قد درجت

علي خطي من سبقني فكم ترك الأول للآخر ، لست غريبا عن

زماني أنا معه حين أراه مواتيا غير منكر ومع الصواب إن كان

ضده .

2 – موقفه من الشعر : تقوم النظرة النقدية لابن جار الله رحمه

الله تعالي علي :

• عدم الإختلال في القواعد مع وجود احساس بالمتناول

والصدق في التعامل وبتجرد من الذاتية .

لقد عبر رحمه الله بوضوح عن هذه المسألة حين قال :

علليني بمنطق ذي بيان        تستلذ انسجامه الأذنان

 ويؤكد موقفه هذا بدعوة صريحة الي اعتماد الفن الخليلي في

الكتابة

ذاك فني فشنفي مسمعي من        حسنه لا أغنية الفنان

وتوخي فن الخليل المعني           بالتزام الروي والأوزان

لاأناس تحرروا من قيود الـــــــــــــفن ثم اعتنوا بفن ثان

غرقوا فيه بالخيال وطاشوا         عن هدي العقل وازديان المعاني

3 – أن محمد محفوظ تناول المدح والرثاء يقول في مدح نادرة

الزمان وفتي الفتيان سليمان بن الشيخ سيديا رحمه الله :

يرتاح للمجد أيا كان مصدره                 كأنه عنده روح وريحان

 سيان الأقصون الأدنون منزلة             يان من عزوا ومن هانوا

 وفي رثاء الملك محمد الخامس يقول :

يا قائدا والغـــــــــــــفير الجم يتبعه   وسائسا ولواء النصر يصحبه

 إن غيبت جسمك الأرض الغداة لقد  خلفت في الأرض مجدا

لاتغيبه كما رأيته من خلال ما قرأته عنه فرحمه الله تعالي

وليعذرني من ستقع عيناه علي ماكتبته وليستر علي عيوبي .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .